إغلاق معبر الكرامة يعطل تصدير زيت الزيتون ويهدد معيشة آلاف الفلسطينيين
يشكل زيت الزيتون جزءًا مهمًا من الاقتصاد الفلسطيني، ومصدر دخل رئيسي لآلاف العائلات التي تعتمد عليه خلال موسم الجني. ومع استمرار إغلاق الشق التجاري من معبر “الكرامة”، بدأ القلق يتسلل إلى مزارعي ومصدري زيت الزيتون، الذين باتوا يخشون من عدم القدرة على تصدير منتجاتهم إلى الخارج كما جرت العادة.
يعد معبر “الكرامة” منفذًا رئيسيًا لحركة البضائع بين الضفة الغربية والعالم الخارجي، ويمثل إغلاقه ضربة كبيرة لقطاع تصدير زيت الزيتون الفلسطيني، مما يهدد اقتصاد العديد من الأسر الفلسطينية التي تعتمد على هذا الموسم لتلبية احتياجاتها المالية السنوية.
معطيات رسمية حول إنتاج الزيتون في فلسطين
وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الفلسطينية، تحتوي فلسطين على حوالي 9.3 مليون شجرة زيتون منتشرة على مساحة تقدر بـ920 ألف دونم. ويعد موسم جني الزيتون من أهم الأحداث السنوية في فلسطين، حيث يمثل فرصة لزيادة الدخل لدى الكثير من العائلات.
في بداية أكتوبر 2024، انطلق موسم جني الزيتون وسط تقديرات بإنتاج يصل إلى 81 ألف طن من ثمار الزيتون، والذي من المتوقع أن يُنتج حوالي 22 ألف طن من زيت الزيتون. مع ذلك، فإن الظروف الصعبة في قطاع غزة، بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، قد تؤثر بشكل سلبي على كميات الإنتاج.
وتشير وزارة الزراعة الفلسطينية إلى أن الاستهلاك المحلي السنوي للزيت يقدر بحوالي 11 ألف طن، فيما يتم تصدير حوالي 5 إلى 6 آلاف طن إلى الأسواق الخارجية، وهو ما يشكل مصدر دخل مهم للاقتصاد الفلسطيني. ومع وجود 276 معصرة زيتون في الضفة وغزة، تعتمد الكثير من الأسر على هذا القطاع، حيث يوفر سبل العيش لنحو 96,500 أسرة فلسطينية.
وجهات تصدير الزيت الفلسطيني: عوائق وبدائل
تشمل الأسواق الرئيسية التي تصدر إليها فلسطين زيت الزيتون دول الخليج، الأردن، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي. وفقًا لفياض فياض، مدير مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، يخرج من فلسطين حوالي 7 آلاف طن من الزيت سنويًا. وهذه الكمية تنقسم إلى ثلاثة توجهات رئيسية:
- إلى دول الخليج: يتم تصدير الزيت بدون ضرائب أو جمارك، حيث يتم شحن الزيت كهدايا لعائلات فلسطينية تقيم هناك.
- إلى الأردن: وفقًا لبروتوكول تعاون بين وزارتي الزراعة الفلسطينية والأردنية، يتم السماح لكل أسرة بنقل 4 تنكات زيت خلال موسم التصدير.
- التصدير التجاري إلى أوروبا وأمريكا: يُعد هذا المسار الأكثر ربحية، حيث تذهب كميات كبيرة من الزيت إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا، وكذلك إلى دول آسيوية مثل اليابان وماليزيا وإندونيسيا.
إلا أن إغلاق معبر الكرامة يمثل عقبة أمام تصدير الزيت إلى الأردن ودول الخليج، وهو ما يزيد من التوتر بين المزارعين والمصدرين الذين يعتمدون على هذا المعبر لتسويق منتجاتهم.
ارتفاع التكلفة وتأثير إغلاق المعبر
إلى جانب التأثير على حركة التصدير، أدى إغلاق المعبر إلى توقف حركة 300 شاحنة كانت تنقل البضائع يوميًا عبره. ويعتبر معبر الكرامة بمثابة شريان حياة للضفة الغربية، حيث تمر من خلاله معظم الصادرات والواردات الفلسطينية عبر ميناء العقبة الأردني.
وفقًا للحاج حلمي محمود، الذي يعمل في تصدير الزيت الفلسطيني إلى الولايات المتحدة، فإن التصدير إلى الولايات المتحدة عبر الموانئ الإسرائيلية لن يتأثر بشكل كبير، إلا أن التكاليف قد ترتفع نتيجة للتحديات اللوجستية. على الجانب الآخر، من المؤكد أن التصدير إلى دول الخليج سيتأثر سلبًا نتيجة إغلاق المعبر، ما قد يؤدي إلى انخفاض في الطلب وتراجع الأسعار.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي على المزارعين
يمثل قطاع زيت الزيتون حوالي 25% من الدخل الزراعي في فلسطين، ويعتمد عليه مئات الآلاف من الفلسطينيين في توفير احتياجاتهم الأساسية. ومع إغلاق معبر الكرامة، يُتوقع أن يتضرر هؤلاء المزارعون بشكل كبير، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وحذر فياض فياض من أن استمرار إغلاق المعبر قد يدفع المزارعين إلى بيع الزيت بأسعار أقل من قيمته الفعلية، بسبب الحاجة الملحة للسيولة. وقد دعا إلى ضرورة التحلي بالصبر وعدم التسرع في بيع الزيت حتى يتم فتح المعبر واستقرار الأسعار في السوق.
الدعوات للضغط الدولي
مع استمرار أزمة إغلاق المعبر، دعا المختصون إلى ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل لفتح المعبر أمام حركة التصدير، حيث يعتمد الاقتصاد الفلسطيني على هذه المنافذ لتسويق منتجاته. كما طالب المزارعون الفلسطينيون المجتمع الدولي بالتدخل لحل هذه الأزمة، خاصة أن العديد منهم يعتمدون بشكل كامل على موسم الزيتون لتوفير احتياجات أسرهم طوال العام.
الخاتمة: استمرار المعاناة وحاجة للحلول
في الوقت الذي يُعد فيه زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من التراث والاقتصاد الفلسطيني، يواجه المزارعون اليوم تحديات كبيرة نتيجة الإغلاق المستمر لمعبر الكرامة. ومع تأخر الحلول وارتفاع التكاليف، تزداد الضغوط على المزارعين والمصدرين، مما يهدد موسمًا كان يُفترض أن يكون مصدرًا للأمل والدخل لهم.